عبد الغني حاووط // لا تنسوا الفضل بينكم

 .      📍(  لا تَـنسَـوُا الـفـضـل بـيـنـكـم  )📍


يقول الله تعالى في القرآن : ( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم )

في طبيعة البشر عدم الكمال في جميع الأمور ، من التصرفات والأفعال والأقوال ، فهذه جبلّة كل أفراد البشر إلا الأنبياء ، والكمال المطلق هو لله وحده ، والرسول (ص) يقول : ( كل ابن آدم خطّاء ) ، فالخطأ والنقص في أصل إبن آدم ، إذاً فالتعاملات البشرية فيها الصحيح ، وفيها السقيم ، لذلك الله سبحانه وتعالى أمرنا بعدم التركيز على الأمور الخاطئة ، بل وجّهنا لتذكر الأمور الحسنة التي مرّت بيننا فقال منبهاً لنا : 

             ( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم )

فهذا هو توجيه ربانيّ عظيم ، للعلاقات الإنسانية والعملية والإجتماعية من زواج أو صداقة أو مزاملة في عمل أو مجاورة في سكن أو حتى مصاحبة في سفر أو لقاء في نزهة ، فقد وجه الله تعالى جميع البشر أن يتذكروا الجميل منها ، والذي كان بينهم فقال : 

             ( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم )


           إلى من تصادقوا لفترة من الزمن

              ( لا تَنسَوُا الفضل بينكم )


الإسلام دين الفِطرة السليمة ، والإنسان السويّ لا يكشف الأسرار ، فقد يتصادق شخصان لفترة من الزمن ومن المؤكد أن يحصل بينهما أفعال وأمور حسنة ، ولكنهما قد يفترقان بعد مدة فيقوم أحدهما بِفضح مَساوئ وأسرار الطرف الآخر ، فليس من حسن الأخلاق وكمالها إذا حصل خلاف بين صديقين ، أن يقوم كل منهما فقط بتذكر وذكر التصرفات والأفعال السيئة والتي كان يكرهها في الآخر ، والإسـلام أكّدَ على عدم نسيان الفضل بين الناس فقال : ( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم ) 


           إلى كل من تزاملوا بعمل

          ( لا تَنسَوُا الفضل بينكم )


الموظف والعامل والمدير قد يختلفون ويفترقون بعدرمدة من العمل ، فالعامل له فضل على جهة العمل ، فبوجوده وعمله استمرّت الشركة وتقدمت ، وللشركة فضل على الموظف والعامل ، فبسببها هو إزداد علماً وكفاءةً وخبرةً ، فكل طرف له فضل على الآخر ، فليس لجهة العمل حق بأن تطعن بالعامل والموظف ، وليس للعامل والموظف أن يطعن بجهة عمله ومديره ، فالله يقول لهم : ( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم )


      إلى من كانوا متزوجين لفترة من الزمن

              ( لا تَنسَوُا الفضل بينكم )


الزوج حال زواجه من إمرأة ، من الطبيعي ومن المؤكد أن يكون قدم لزوجته معظم متطلبات وإحتياجاتها ، فله بذلك عليها فضل

والزوجة حال زواجها من رجل ، من الطبيعي ومن المؤكد أن تكون قدمت لزوجها معظم متطلباته وإحتياجاته ، فلها بذلك عليه فضل

فلو حصل بينهما خلاف ولو إنتهى بالطلاق ، فعليهما أن يحافظ كل واحد منهما على ذكريات العشرة الطيبة التي كانت بينهما ، ولا يَنسَوّا فضل بعضهما على بعض ، فليس من المروءة ولا الأخلاق الحميدة ، أن يتناسى أحدهما الأشياء الحسنة التي تمت من الآخر ، فيتذكر فقط الأحداث والأمور السيئة التي حصلت بينهما ، والأشد والأنكى أن يقوم كل طرف بنشر الأسرار التي أعلَمَهُ إياها الطرف الآخر عن نفسه ، أو هو عَلِمَها عنه بحكم طول فترة المعاشرة ، والرسول (ص) حذّرَ الأزواج والزوجات من هذا الفعل أشد التحذير ، فقال : 

( إن شَرّ الناس منزلة عند الله يوم القيامة ، الرجل يُفضِي إلى إمرأته وتفضي إليه ، ثم ينشر سِرّها ) 

والله يقول لهم : ( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم )


من مآثر الصالحين أن أحدهم كان على خلاف دائم مع زوجته ، فسألوه مرة عن سبب خلافه معها 

فقال : أنا لا أتكلم عن زوجتي فهي عِرضي 

وبعد مدة طلقها فقيل له لِمَ طلقتها 

فقال : أنا لا أتكلم في إمرأة أجنبية عني

رحم الله أولائك الأفذاذ الذين فقِهوا قول الله تعالى :

( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم ) فوقفوا عند حدود الله 

فليس من الأخلاق الحميدة أن يقوم أحد الزوجين عند وقوع خلاف بينهما أو وقع الطلاق ، أن يقوم أحدهما أو كليهما بِفضح التصرفات والأفعال السيئة لدى الطرف الآخر والتي كان يكرهها فيه 

يقول (ص): ( إنما بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ) 

والله تعالى يقول :  ( ولا تَنسَوُا الفضل بينكم )


المهندس / عبد الغني حاووط

        10/06/2022


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تامر مصطفى // طول الهجر

عدنان الأزرق // حياة رجال الوعي

نور مرسلا // أسيل التميمي