حرة مكاويك // حسام عبد الكريم
حَرّى مَكاويك
ساحاتُ عُمريَ بِالشَّجْناتِ تَكويني
أقرَ إدِّكاراتِها قَهراً وَتَقريني
يا خِلّ روحي الّذي أشكو مَخاصِمَهُ
وَأفتَديهِ اغتِفاري غيرَ مَمْنون
لا تَتّقيني وُلوعي لاهِباً ضَرَمي
حَرّى مَكاويكِ باللّوعاتِ تُؤذيني
يازَفرَةَ النّفسِ عُودي وَاشهَقي وَجَعي
ولا بَرَحتِ لتَعليلٍ وَتَهوِين
أكَلّما شَجَنَتْ وَرقاءُ ناشِجَةً
نادَيتِ يا جارَتا هَلّا تُشاجيني ١
أم كُلّما وَلوَلَت ثَكلى فَجيعَتَها
نَدَبتِ أختاهُ وابَلواكِ سَلّيني
كأنّكِ وَمَليحٌ صَدَّ آلِفَتي
إلفاً تَوَسّلَ لِلمَألوفِ عَزّيني
إيهٍ خَليلَيَّ بَعضُ الحُبِّ فيهِ أسىً
مًثَقَّلَ الحِملِ مُختَلَّ المَوازين
وَبَعضُهُ إنْ أُحابيهِ طَغى وَنَفى
شَأني وَأبدَلَ
عَليائي بِتَهويني
فيهِ إزدِراءٌ إذا أطعَمتُهُ عَسَلاً
عَلى الطُّوى دَسَّ لي سُمّاً بِأفيون ٢
فَدِيتُهُ شَقوَتي بِرّاً اُوادِدُهُ
وَيَومَ صَدٍّ سَقَاني الوَحْلَ بالطّين
قَلّبتُ فِيَّ تَباريحي وَخائِنَِتي
وَخائِنُ الدَّهْرِ أعنيهِ وَيَعنيني
ألَحَّ بِيْ غَدْرُ مَن شَفّعْتُ في وَجَعي
حَتّى آنبرى لِيَ مِن أعتى الفَراعين
بَسْمَلْتُ عَوْذِيَ في ما شَدَّ مِن جَزَعي
شِعراً تَأوَّهَ مَختُوماً بِآمين
الحُبّ في سَعةِ الأكوانِ أَحرُفُهُ
لا الأَلفُ وَفَّتْ وَلا الياءاتُ تَكفيني
ولا الّتي في يَدي شِعراً أنَفِّحُهُ
أريجَكِ الحُلوَ في هذي التّناوين
يا هَيْفُ يا شَطْبَ رُمانٍ بهِ فَنَنٌ ٣
مُبَرْعَمَ الزّهرَ جَذّابَ التّلاوين
ريمٌ تَعارَضَ في رَوضٍ على رَشأٍ ٤
يَختالُ بَينَ أفانينِ اليَسامين
رَيّانُ ذُو رَهَفٍ مَمشوقُ ذُو هَيَفٍ
مَملوءُ رِدْفٍ شَحيحُ الوَصلِ ضِنّين
قَلبي بهِ كَلِفٌ والوَصلُ مُنصَرِفٌ
ولا أراهُ على عَهدٍ بِمَضمون
ما مَسَّ ضُرُّكِ مَشفوفَاً يَذوبُ جَوىً
إلّا الّذي لابِثاً في الحُوتِ ذُو النّون
مِن حُلمِ عَينَيهِ أصبوه فَيَدرُكُني
لولا غُضونٌ وبيِضٌ في تَكاويني
يَرهِقنَني أنْ أقولَ الشّعرَ مُقتَضَباً
والشّعرُ يُطنِبُ في حُلوٍ وِمَمعونِ
أصونُهُ واحْتِرازي أن اُواتِرَهُ
ألّا يِبينَ لِمَولوعٍ وَمَفتون
لِلإِلْفِ في النّفسِ تَوْقٌ لا تُعانِدُهُ
وَصَوْنُ ذِمّتِهِ دَيْنٌ لِمَديون
يا صَفوُ كم كُنتُ أصبوكِ على فَرَضٍ
مُهَيَّمَاً بالّتي كادَتْ تُغاويني
كَم يَشتَكى غَزَلي يَبغيكِ أغنيَةً
نَجْوى وبَعْضُ اعتِصامٍ عَنْهُ يَلويني
وَسَهْدَتي أرَقٌ واللّيلُ مُتَّسِقٌ
وَالوَجْدُ مُنبَثِق وَلآهُ تُضْنيني
لامَحْتُ حُسْنَكِ قُلتُ الصّبحَ طَلعَتُهُ
شَمسٌ وَشَعرُكِ طَيَّ اللّيلِ يَطويني ٥
هل كُلّما تُطبِقُ الدّهْماءُ ذُبْتُ أسىً
عاتٍ ولَستُ بِما آسى بِمَأمون
مِيلي بِثَغركِ لَوْنُ الوَرْدِ خَطّطهُ
مُخَضّبٍ بِدَمي المَسْفوكِ مَعْجُون
يا صَفوُ داويهِ فَهوَ اليَومَ في خَبَلٍ
كابْنِ المُلَوّحِ هَيمانٍ وَمَجْنون
لَولا هَواكِ لَما لامٌ تُفَجّعُني
بالعارِضَينِ ولا اُضْنيِتُ بِالنّون ٧
يا صَفوُ كُفّي عَليكِ اللهُ مَوْثِقَةً
تَبْريحَ قَلبٍ إلى نَجواكِ مَرهونِ
وَقَطّعي شَملَهُ يَلضى بهِ ولَعٌ
أحلى العَذاباتِ في آهاتِ مَطْعونِ
شرحُ المَتن
١. يا جارَتا: أي يا
جارتي،
اُبدِلَت الكسرةُ فُتحَةً فانقلَبت الياءُ ألفاً لتَحرُّكِها وانفِتاحِ ما قبلِها، وجاءت الألفُ لِلنُّدبة، وحُذفَت الهاء في (جارتاه) كأنك إذ تُناديها تَندُبُها، والمَعني بالجارة هنا- الزوجة، أو الحبيبة.
٢. الطُّوى: الجّوع.
٣. الفَنَن: الأغصان.
٤. تعارَضَ: تَفاخر، تبارى،
٥. رَقَنَ: كتبَ، مَيّز.
٦. العارِض: صفحة الخدّ.
٧. اللّام: خُصلة الشَّعر على جانب الخدّ تُشبه حرفَ اللام، النّون- خُصلة من الشَّعر مُستديرة تعتلي جَبين المرأة.

تعليقات
إرسال تعليق